الصفحة الرئيسية > عام > رجل من طراز خاص … د.علي شهوان

رجل من طراز خاص … د.علي شهوان

كل واحد منا يتعامل مع كثير من الناس الصالح فيهم والطالح، وكلما تعامل الواحد منا مع شخص جديد يبدأ في تكوين صورة ذهنية عن هذا الشخص الجديد ويبدأ في التعامل معه على أساس هذه الصورة الذهنية، ومع مرور الوقت قد تتغير الصورة الذهنية قليلا بسبب المعرفة الأكثر عمقا لهذا الشخص. ولكن قليل جدا من الأشخاص الذين تضعهم في دائرة “شخص من طراز خاص” أي أن هذا الرجل غير عادي، وبالتأكيد وضع شخص في هذه الدائرة يكون بسبب مميزات خاصة لهذا الشخص، قد تكون مميزات علمية، فكرية، ذكائية، عملية، أخلاقية …إلخ

الأستاذ الدكتور علي شهوان، رجل عاش في دنيا غير التي نعيشها لأنه عاش بمعاني وقيم غير التي نراها أمامنا، واستطاع أن يثبت على المبادئ التي فشل الكثير منا على الثبات عليها، إذا أردت أن تعلم جانب صغير من حياته وقيمه ومبادئه فتعال معي نتعلم من هذا الرجل الذي في ظني أنه ليس هناك مثله الآن.

الأستاذ الدكتور علي شهوان أستاذ النساء والولادة جامعة عين شمس، تخرج في منتصف السبعينات من القرن الماضي ولكن بعمر يقترب من الأربعين وهذا بسبب السبعة عشر سنة التي قضاها في سجون عبدالناصر تقريبا من سنة 56 وحتى سنة 73، ويكفيك أن تتفكر في شخص قضى عز شبابه في السجن وصبر على ذلك، كيف تكون شخصيته، عاش في السجن مع القرآن فعن أحد الذين كانوا معه في السجن أنه من القليلين الذين ختموا القرآن في ليلة واحدة في السجن آنذاك، استطاع أن يكون متفوقا قبل سجنه وبعده حتى أصبح أستاذا في الجامعة، سافر إلى السعودية فترة ثم عاد واستقر في مصر حتى أن توفاه الله سبحانه وتعالى في 18/11/2009

حتى الآن لم أخبرك بما يميزه حقيقة، ودعني أرقمهم لك:

1- أمثال هذا الطبيب من خبرة وشهرة تدفع لهم من 200 إلى 300 جنيه مصري في الكشف الواحد … أما الدكتور علي شهوان فكان الكشف عنده بـ 20 جنيه فقط.

2- أمثال هذا الطبيب يأخذون أتعابهم في الولادة قبل أن تخرج المرأة من غرفة العمليات ولهم الحق في طلب أرقام قياسية بسبب خبرتهم وشهرتهم … أما الدكتور علي شهوان فكان لا يأخذ أتعابه إلا عند زيارة المرأة له في العيادة بعد اسبوع من الولادة لفك سلك الجرح، والأغرب من ذلك أنه لم يعرف عنه في حياته أنه طلب مبلغ معين من أحد ولكنه كان يقول “ادفع ما تستطيع أن تدفعه” وكانت حجته “أنا لا أعلم ما هو حال هذا الشخص، هل سيبيع شىء من أغراضه ليأتي لي بأتعاب أنا غني عنها أصلا”.

3- كان يحترم القسم الذي يقسمه الأطباء الذي ينص على عدم أخذ أتعاب من طبيب مثله، فكان لا يأخذ أتعابا من زوج المرأة إن كان الزوج طبيبا.

4- كان لا يفرق بين من يعرفهم ومن لا يعرفهم، الكل عنده سواء بسواء، كما كان لا يفرق بين مسلم ومسيحي، الكل عنده مرضى لهم الحق في العلاج.

5- المعروف في عموم الأطباء أن يأخذوا ضعف قيمة الكشف في الزيارة الطبية الخاصة بالمنزل … أما الدكتور علي رحمه الله كان لا يأخذ أتعابا أصلا في الزيارات المنزلية وكان يقول “هو أخ لي وحق له علي أن أعوده، أصلا جزاه الله خيرا أنه أخبرني أنه مريض لكي أعوده”.

6- كان الصدق عنده قيمة عليا وخلق لا ينفك عنه حتى في المواقف التي نعدها نحن مواقف عادية، فيحكي أحد تلامذته أنه طلب منه شهادة مرضية يقدمها لزوجة أخوه لتأجيل امتحانات الكلية وبعد أن كتبها له علم أن زوجة أخوه مسافرة في بلد عربي في هذا الوقت، فطلب من تلميذه إعادة الشهادة له وقال له إن هذا تدليس فمعنى كتابتي شهادة لها هذا يعني أنها في مصر، وأردف قائلا “أنا عندي إنها ترسب في الامتحانات أفضل من أن تكذب كذبة واحدة” وعلق على كلامه بقول الله تعالى “بل تؤثرون الحياة الدنيا .. والآخرة خير وأبقى”.

7- كان متواضعا بشكل غير عادي، هذا ما لمسته من تعامله معي ومع زوجتي ومع الناس جميعا أمامي ولا أريد أن أطيل في القصص حتى لا تملوا. هذا وهناك الكثير والكثير من المواقف التي أود حقيقة أن تتحول إلى كتاب تدرس من خلاله الأخلاق.

تأثرت كثيرا لفراقه، وشعرت أنني أفقد والدي للمرة الثانية، وأعليها مدوية أنني أشهد له يا  الله أنه كان رجلا مؤمنا حقا – أحسبه كذلك ولا أزكيه عليك – وأشهد أنني لم أرى منه أي سوء تجاهي أو تجاه غيري، كما أسألك سبحانك أن تغفر له وترحمه وتتقبله عندك في الصالحين، اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة ولا تجله حفرة من حفر النيران، اللهم نور له قبره، اللهم مد له في قبره مد بصره، اللهم وألحقنا به في الصالحين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

التصنيفات :عام
  1. مشارك
    10 ديسمبر 2009 عند 9:59 ص

    إن كان هناك رجلا بمثل هذه المواصفات فهو حقا إنسان رائع وأظن أنه من الصعب أن تجد مثله.

    إن أحدا قابل مثله نرجو أن يخبرنا حتى نستفيد منه.

    رحم الله هذا الرجل وأدخله فسيح جناته.

  2. محمد عبدالسلام
    10 ديسمبر 2009 عند 12:37 م

    السلام عليكم

    أظن ان مثل هكذا رجلا تنخلع القلوب لفراقه ولم تعطه حقه حيث قلت اننى فقدت أبى للمرة الثانية فمثل هذه الرجال افضل من الاباء وان أبيت
    فمعرفة عالم خير من الف كتاب فما بالك بمعرفة عالم تقى !!!!

    لك الله أيها الكاتب

  3. مشارك
    22 ديسمبر 2009 عند 7:24 م

    رجل و الرجال قليل

  4. سيد
    17 فيفري 2010 عند 4:28 ص

    يرحمه الله رحمة واسعة
    اللهم ارفع درجته فى المهديين
    واخلفه فى عقبه فى الغابرين
    واجعله من ورثة جنة النعيم

  5. Rawan mostafa
    13 أفريل 2017 عند 12:59 م

    ااامين
    فعلا انه حقا كما قلت واكثر
    رحمة الله علبك يادكتور علي
    فعلا كان يتعامل معنا كأنه اب لنا
    ويعاملنا بالبر رحمة الله علي

  6. Rawan mostafa
    13 أفريل 2017 عند 1:00 م

    ااامين
    فعلا انه حقا كما قلت واكثر
    رحمة الله علبك يادكتور علي
    فعلا كان يتعامل معنا كأنه اب لنا
    ويعاملنا بالبر رحمة الله عليك

  1. No trackbacks yet.

أضف تعليق